SiLVeR
عدد الرسائل : 111 العمر : 44 العمل/الترفيه : صيانة و برمجة الكمبيوتر الاوسمة : تاريخ التسجيل : 09/05/2008
| موضوع: سيرة الرسول-صلى الله عليه وسلم- الجزء الخامس الإثنين سبتمبر 01, 2008 8:10 am | |
| الدعوة سرًا
عن أدران الجاهلية، وحماقاتها المتعددة، ومساوئها المختلفة، نأى محمد -صلى الله عليه وسلم- وابتعد، ليس بروحه الطاهرة فحسب، بل بجسده أيضًا. إذ كان يمكث الليالى ذوات العدد فى غار حراء متعبدًا لربه ومتقربًا. ودون تأهب منه أو توقع؛ فوجئ -صلىالله عليه وسلم- بنزول الوحى إليه، وتبليغه برسالات ربه. وما كان على النبى الأمين -صلى الله عليه وسلم-، إلا أن يبلغ النور الذى يحمله إلى الناس من حوله، فظل يبلغ الدعوة سرًا طوال ثلاثة أعوام، ينتقى من يلتمس فيه صلاحًا، فيسمعه القرآن المنزل عليه، ويجمعه مع إخوانه الذين سبقوه لدين الله، منتظرًا ومتهيئًا نزول أمر الله بالجهر بدعوته.
الوحى
بينما العيون الشرهة، والنفوس الطمعة، والأيدى المتلهفة، تسعى فى دروب مكة وأسواقها، تفتش عن ملذات الدنيا، وتعاقر أهواءها، وتعافس أدرانها، إذ كانت نفس محمد -صلى الله عليه وسلم- الزكية، تبحث حيرى، وتنقب مشتاقة عن نور الحق. يسأل محمد نفسه: أيرفع الله هذى السماء بلا عمد، ويبسط الأرض، ويقيم الجبال كالوتد، ثم يتركها، ويترك عباده وخلقه، يدبر مصيرهم اللات وهبل؟! حاشاه أن يفعل. فما سر هذا الكون إذن؟، وما صفات خالقه العظيم يا ترى؟!، وما هذا السبيل الذى يريدنا أن ننتهجه، لتكون لنا السعادة والنور فى الدجى؟. لن يكون هذا السبيل بحال تجرع الملذات التى تشاركنا فيها البهائم كشأن العرب، ولا الحرص الذميم على الحياة التى لابد من مفارقتها كشأن اليهود، ولا هجران هذه الحياة، واعتزالها كما تصنع النصارى، ولا السجود للنار التى لا تضر ولا تنفع كالفرس، فماالسبيل إذن؟!، وما الطريق المبتغى؟!. ذلكم كان السؤال الذى دفع محمدًا -صلى الله عليه وسلم- أن يعتزل مكة وأهلها فى غار حراء حيث الخلوة، والتفكر، والتأمل، وما أبطأ ربه عليه، إذ كان نزول جبريل إجابة شافية لأسئلة سامية طال ترددها فى صدره، واضطرب محمد لنزوله، وحق له أن يضطرب! فالأمر أجل من أن يؤخذ على سبيل العادة، كيف و الوحى يخبره أنه رسول رب العالمين إليه، ليهديه طريقًا، ويأمره بما يصنع، وإلى ورقة بن نوفل كان مسيره مع زوجه خديجة، أليس هو رجل يقرأ الكتب السالفة، ويعلم من أمر الدين ما يجهله غيره؟، وطمأنه ورقة وبشره، ثم فتر الوحى عنه -صلى الله عليه وسلم- فاشتاق إليه، وهو الذى كان من قبل يخافه، لكن الله سكّن فؤاده بعودة الوحى ثانية، وفى هذه الأوبة كان الأمر بالدعوة.
فى غار حراء
على مسافة تقارب الميلين من مكة كان محمد -صلى الله عليه وسلم- يجد فى سكون غار حراء فسحة للتفكير والتأمل، ولا يحظى بها فى مكة الصاخبة، فكان يقيم فيه شهر رمضان، يطالع كتاب الله المنشور فى الكون باتساعه، ويقضى وقته فى عبادة إله هذا الكون، الذى رأى قدرته، وتاقت نفسه لمعرفة صفاته وأحكامه، حتى صفت نفسه، وزكا فؤاده، وأصبح مستعدًا لاتصاله بعالم الغيوب، فكانت الرؤيا -إحدى أجزاء النبوة- تأتيه فيجدها تجىء كفلق الصبح، واستمر على ذلك ما يناهز الشهور الستة، حتى كان نزول جبريل عليه بالغار فى رمضان، بعد أن تجاوز النبى -صلى الله عليه وسلم- الأربعين من عمره.
نزول جبريل عليه السلام
فى إحدى الليالى الوترية بالعشر الأواخر من رمضان، وقد أتم النبى -صلى الله عليه وسلم- الأربعين من عمره، كانت الدنيا حيرى فى ظلمات الجاهلية المشتاقة إلى نور الله، قد استعدت لاستقبال رسول رب العالمين، الأمين جبريل -عليه السلام-، أما محمد -صلى الله عليه وسلم- المتحنث فى غاره بغية الحق، فقد أصابه الفزع لنزول جبريل، وارتعد فؤاده لمجيئه، وضاعف من اضطرابه -صلى الله عليه وسلم- سؤال جبريل له أن يقرأ، وهو الرجل الأمى، أما جبريل -عليه السلام- فإنه بعد أن أعاد محمد قوله: ما أنا بقارئ، للمرة الثالثة فقد قام بإبلاغه أولى كلمات رب العالمين المرسلة إلى خاتم المرسلين -عليهم الصلاة والسلام-: (اقرأ باسم ربك الذى خلق).
اضطرابه -صلى الله عليه وسلم-
مضى جبريل إلى سمائه وبقى محمد -صلى الله عليه وسلم- فى غاره مضطربًا فزعًا، ما هذا الذى حدث له؟، من كلمه؟، وما هذه الكلمات التى نقشت فى صدره؟، لقد عهد الرؤيا الصادقة وتعود عليها، لكن ماذا يحدث له الآن؟ أتراه قد جن؟، إن نفسه ليس عليها شىء أبغض من شاعر أو مجنون، فإن كان قد جن فالموت خير له!! هكذا قرر فى ساعة فزعه بل وأسرع ينفذ خطته بأن يلقى نفسه من شاهق، لكنه ما إن توسط الجبل حتى سمع صوتًا من السماء يقول: يا محمد، أنت رسول الله، وأنا جبريل، فرفع رأسه إلى السماء فإذا جبريل فى صورة رجل صاف قدميه فى أفق السماء يقول: يا محمد، أنت رسول الله وأنا جبريل، وتسمر النبى -صلى الله عليه وسلم- فى مكانه، فما يتقدم أو يتأخر، وقد شغله ذلك عما أراد، وبعثت خديجة -رضى الله عنها- رسلها يبحثون عنه فى مكة فما وجدوه، وعادوا إليها، أما محمد -صلى الله عليه وسلم- فما إن ذهب عنه جبريل حتى أسرع هابطًا إلى خديجة زوجته العاقلة الحنون، يجلس إلى فخذها، ويلتصق بها، يقص عليها غريب خبره وعجيب أمره، فتطمئنه خديجة بقولها: أبشر يابن العم واثبت. فوالذى نفس خديجة بيده إنى لأرجو أن تكون نبىّ هذه الأمة. ثم انطلقت خديجة إلى ابن عمها ورقة بن نوفل لتقص عليه الخبر.
مع ورقة بن نوفل
قدوس قدوس، والذى نفس ورقة بيده لقد جاءه الناموس الأكبر الذى كان يأتى موسى، وإنه لنبى هذه الأمة فقولى له فليثبت. هكذا كانت كلمات ورقة الحاسمة، إلى خديجة المتسائلة، أليس ورقة رجلاً يقرأ فى الكتب السابقة؟، أليس هو يعرف قرب أوان نبى هذه الأمة وصفته؟، ثم أليس هو يعرف محمدًا؟، ففيم التردد وفيم الدهشة؟ محمد نبى هذه الأمة! هذه هى الحقيقة ببساطة، وما صنع ورقة سوى أن رددها بلسانه! ثم إذا قابل محمدًا -صلى الله عليه وسلم- تمنى فقال: يا ليتنى فيها جذع، ليتنى أكون حيًا إذ يخرجك قومك، ثم يجيب النبى المتعجب من إخراجه: لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عودى، وإن يدركنى يومك أنصرك نصرًا مؤزرًا. سنن متتابعة ليس منها مفر، ولا عنها من محيص، لكن ورقة لم يدركه يوم محمد -صلى الله عليه وسلم- ليبر بوعده، فما لبث إلا يسيرًا حتى مات ورقة وفتر الوحى.
ورقة
بينا قريش تصخب فى أسواقها، وتصفق طائفة حول الكعبة فى عيد لهم إذ شاء الله لأربعة نفر أن ينأوا عن ذلك كله، أخذ الأربعة يتناجون فيما بينهم، ويسرون لبعضهم البعض قائلين: تعلمون والله ما قومكم على شىء! لقد أخطأوا دين أبيهم إبراهيم! ما حجر نطوف به لايسمع ولا يبصر، ولا يضر ولا ينفع؟، يا قوم، التمسوا لأنفسكم دينًا فإنكم والله ما أنتم على شىء. كان هؤلاء الأربعة هم: زيد بن عمرو بن النفيل الذى قال عنه النبى صلى الله عليه وسلم-: إنه يبعث أمة وحده. وقد رفض اليهودية والنصرانية لما شابها، وكان يعيب آلهة قريش، حتى قتل وهو عائد من الشام لمكة، حيث سمع بشارة من أحد رهبانها بأوان خروج نبى هذه الأمة من أرض مكة، وأما الثانى فكان عثمان بن الحويرث وقد قدم على قيصر فتنصر وحسنت منزلته عنده، وأما الثالث فكان عبيد الله بن جحش الذى ظل ملتبسًا حتى أسلم، ثم هاجر إلى الحبشة ثم ارتد إلى النصرانية، ففارقته زوجته أم حبيبة بنت أبى سفيان بن حرب، وتزوجت النبى -صلى الله عليه وسلم- من بعده، وأما الرابع فكان ورقة بن نوفل بن أسد بن عبدالعزى بن قصى بن كلاب وقد استحكم فى النصرانية، وتعلم الكتب بالعبرانية ما شاء الله أن يكتب، وأصبح حين البعثة شيخًا كبيرًا قد عمى، وهو ابن عم السيدة خديجة -رضى الله عنها-، وقد آمن بمحمد -صلى الله عليه وسلم- وثبته حين أفزعه الوحى، وتمنى أن ينصر النبى إذا عاداه قومه أو أخرجوه، لكن القدر لم يمهله، فتوفى بمكة رحمه الله.
فترة الوحى
إن فؤاد محمد -صلى الله عليه وسلم- القلق، ونفسه الفزعة قد أذهب ما بهما حديث خديجة المطمئن، وكلمات ورقة الثابتة، لكن محمدًا وقد ذهب قلقه، وانتهى فزعه، تلفت مشتاقًا ليرى وحى ربه فلم يجده وانتظر أيامًا، فتباطأ الوحى عنه. ومحمد -صلى الله عليه وسلم- الذى روى عنه من أيام إسراعه إلى خديجة مضطربًا يروى عنه الآن شدة حزنه وألمه لفراق الوحى، حزنًا جعله يعدو مرارًا ليتردى من رؤوس شواهق الجبال، لكنه كلما همّ بشىء من ذلك تبدى له الأمين جبريل -عليه السلام- قائلاً: يا محمد إنك رسول الله حقًا. فيسكن بذلك جأشه وتقر نفسه، فإن طال عليه الأمد عاد لما يصنع، فعاد الوحى لما يصنع به!! وظل هكذا أيامًا حتى آب إليه الوحى. | |
|
أسيرة الحرمان
عدد الرسائل : 280 العمر : 41 الموقع : جده العمل/الترفيه : تطوير المنتدى الاوسمة : اعلام : مزاج : الوظيفة : تاريخ التسجيل : 03/05/2008
| موضوع: رد: سيرة الرسول-صلى الله عليه وسلم- الجزء الخامس السبت نوفمبر 22, 2008 12:19 am | |
| | |
|
Eros Admin
عدد الرسائل : 338 الموقع : https://eros.mam9.com الاوسمة : مزاج : الوظيفة : تاريخ التسجيل : 09/09/2007
| موضوع: رد: سيرة الرسول-صلى الله عليه وسلم- الجزء الخامس السبت نوفمبر 29, 2008 1:58 pm | |
| | |
|