SiLVeR
عدد الرسائل : 111 العمر : 44 العمل/الترفيه : صيانة و برمجة الكمبيوتر الاوسمة : تاريخ التسجيل : 09/05/2008
| موضوع: سيرة الرسول-صلى الله عليه وسلم- الجزء السابع عشر الإثنين سبتمبر 01, 2008 10:06 am | |
| النزول بقباء
كانت ظهيرة يوم الإثنين الثامن من ربيع الأول سنة أربع عشرة للنبوة، ظهيرة شديدٌ حرها، ألجأت المسلمين الذين كانوا يخرجون لاستقبال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، تتنازعهم مشاعر الخوف، وجواذب الشوق- ألجأتهم إلى الاحتماء ببيوتهم، وفى هذا الجو القلق، الذى يغلفه السكون برداء ثقيل، إذا بصرخة مدوية يطلقها يهودى من فوق مرتفع تشق عنان السماء قائلة: يا معاشر العرب، هذا جدكم الذى تنتظرون!. وماكادت هذه الصرخة تصل إلى آذانهم حتى انطلق المسلمون إلى السلاح، وتعالت أصوات التكبير فرحًا بقدومه، وسمع التكبير فى بنى عمرو بن عوف، وأسرع المسلمون للقاء المرتقب، لقاء خير الأحبة، وسيد الأنام، حامل النور والهداية، محمد بن عبدالله فأحدقوا به، وأحاطوه وقد كسته السكينة، والوحى يتنزل عليه بقول ربه -عز وجل-: (فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين، والملائكة بعد ذلك ظهير)، وكان يومًا مشهودًا زحفت فيه المدينة بأسرها لاستقبال الرسول، ونزل فى بنى عمرو بن عوف، ونزل بقباء على كلثوم بن الهدم، وأقام بها أربعة أيام، أسس خلالها مسجد قباء وصلى فيه، فلما كان بها اليوم الخامس -يوم الجمعة-؛ أرسل إلى أخواله من بنى النجار، فجاءوا متقلدين سيوفهم، فركب وأبو بكر خلفه، وسار نحو المدينة، حتى أدركته الجمعة فى بنى سالم بن عوف، فصلى بهم الجمعة وكانوا مائة رجل.
الدخول فى المدينة
إن عافية الله الواسعة، والتى سألها محمد -صلى الله عليه وسلم- ربه والدماء تغطى عقبيه، وهو مطرود ملاحق من سفهاء الطائف تتبدى الآن إحدى آياتها، فطرقات المدينة وبيوتها تهتز بأصوات التكبير والتحميد، وبنات الأنصار ينشدن الأناشيد فرحًا بقدوم النبى، ونبى الله يتجاذب خطام راحلته أهل الأنصار وكل يقول له: هلم إلى العدد والعدة، والسلاح والمنعة، وهو يقول لهم: خلوا سبيلها فإنها مأمورة. أما دابة النبى -صلى الله عليه وسلم- فكان من توفيق الله لها أن بركت فى ديار بنى النجار -أخوال رسول الله- من كان يحب أن ينزل عليهم، ونزل عنها النبى -صلى الله عليه وسلم- وأقام فى بيت أبى أيوب الأنصارى، وأخذ أسعد بن زرارة بزمام راحلته فكانت عنده، وهكذا صار لدعوة الله دار تعيش بها، وصار لقيادتها حصن تأوى إليه، وبقى للإسلام أن يخوض معركته الكبرى بتأسيس مجتمع جديد! وقد دعا نبى الله -صلى الله عليه وسلم- للمدينة حين أخبرته زوجه عائشة بمرض أبى بكر وبلال فقال: اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد حبًا، وصححها، وبارك فى صاعها ومدها وانقل حُمَّاها فاجعلها بالجحفة.
هجرة أهله وأهل أبى بكر
بعد أيام من وصوله إلى المدينة وصلت إليه زوجته سودة، وبنتاه فاطمة وأم كلثوم، وأسامة بن زيد، وأم أيمن، وخرج معهم عبدالله بن أبى بكر بعيال أبى بكر ومنهم عائشة، وبقيت زينب عند أبى العاص لم يمكنها من الخروج حتى هاجرت بعد بدر.
هجرة على -رضى الله عنه-
إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الذى أحاط به قومه ليقتلوه ليلة الهجرة أوصى عليًا حين جعله مكانه فى فراشه أن يرد الودائع التى عنده لأهلها من قريش، وما إن قام على بن أبى طالب بمهمته تلك فى أيام ثلاثة حتى هاجر ماشيًا على قدميه؛ ليلحق بنبيه بقباء، وينزل عند كلثوم بن الهدم.
الدفاع عن المدينة
الماء الساكن خلف السد لا تدرك قيمته حتى يتدفق تياره، والحجرة المظلمة لا يرى جمالها حتى تضاء أركانها، وكذلك المد ينة عند الهجرة كان بها كثير من الخير الساكن، وبعض الأركان المظلمة، وتغير ذلك كله كان ينتظر وصول محمد -صلى الله عليه وسلم- والذى ما إن وصل حتى بدأ فى تأسيس مجتمع جديد قبل أن ينزل عن راحلته، لكن أنى للكفر أن يهدأ، وهو يبصر الإيمان ساعده يشتد، وجنوده تتجمع. لم تستطع قريش أن تكظم حقدها فأرسلت تهدد المسلمين وتتوعدهم، وهنا أنزل الله الإذن بالقتال أولاً، ثم فرض القتال بعده، وكما كانت قلوب المسلمين تهفو إلى مكة حوَّل الله صدورهم فى الصلاة إلى الكعبة بنزول الوحى بتحويل القبلة. وما إن مر شهر على تحويل القبلة، حتى ساق الله المسلمين دون تهيؤ منهم إلى غزوة بدر الكبرى فكان نصرًا كبيرًا، ونجاحًا مؤزرًا، تلته أعياد أقيمت، وفروض فرضت. واستمر الجهاد حتى كانت غزوة أحد فى العام الثالث للهجرة، ولم يكد المسلمون يضمدون جراحاتهم، حتى استأنفوا جهادهم دفاعًا عن دولتهم الفتية، وأدركت قريش أنه لا قبل للمشركين بمحاربة المسلمين، إلا إذا اتحدت فصائلهم، وتجمعت أشتاتهم، فألفوا الأحزاب، وأحاطوا بالمدينة ينوون استئصال خضرائها، وإبادة ساكنيها، فكانت غزوة الأحزاب، التى نصر الله فيها عبده، وأعز جنده، وهزم الأحزاب وحده، وقد كشفت هذه الغزوة عن لؤم اليهود وغدرهم؛ فتلاها الرسول -صلى الله عليه وسلم- بغزوة بنى قريظة، وظل النشاط العسكرى متقدًا بعدها حتى كانت وقعة الحديبية، والحق أن مكائد اليهود، والدور الذى لعبه المنافقون جعل مهمة الدفاع عن المدينة، لاتقتصر على حماية حدودها فحسب، بل تشتمل أيضًا محاربة أعدائها الكامنين داخل الأسوار.
المدينة عند الهجرة
يظن البعض أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- القادم من مكة المشتعلة حربًا عليه وعلى دعوته، قد دخل المدينة الهادئة الوادعة؛ ليتمتع فيها بالاستقرار والراحة، والحق أن هذا ظن قد فاته الصواب!. إن دخول الإسلام إلى المدينة قد بدل واقعها من حال إلى حال، وإن دخول محمد -صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة كان فى قمة هذا التحول! أهل المدينة كانوا أوسًا وخزرجًا، فصاروا مسلمين ومشركين، والروابط كانت للعشيرة، فأصبحت للعقيدة، ومهاجرو مكة أضحوا مواطنى المدينة، وحرب بعاث أمست رمادًا، والحكم صار لله، ودار الحكم موقعها المسجد، ومحمد -صلى الله عليه وسلم- يحكم بأمر ربه، أما تاج ابن أبى فقد طواه النسيان، ويثرب التى كانت تأمن من حولها، الآن تواجه الخطر من قريش والعربان، وأكثر من ذلك كله تنظيم الديار حول المسجد، وتغيير الأعراف الاجتماعية، وزوال أخلاق الجاهلية، وإشراق أخلاق الإسلام، وتجديد أسواق المدينة وعلاقاتها الاقتصادية، كل ذلك التحول الذى بدأه إيمان ستة من أهل يثرب، وزاده انتشار الإسلام فى بيوتها وقدوم المهاجرين إلى ديارها- شهد الرسول أقصاه حين دخل المدينة القلقة، وحين تعامل مع أهلها، مسلمين، ومشركين، ويهود فأقام مجتمـعًا قاوم محاولات تفتيته بقوة وعزم.
تأسيس مجتمع جديد
ما أيسر أن نطوف بخيالنا فى دروب مدينة فاضلة، نصف معالمها لمن حولنا حين نفيق! ثم ما أعظمها من مهمة حين ننهض؛ لنقيم بسواعدنا ما طمح إليه ذلك الخيال، إن تغيير المجتمعات إلى الأفضل يبقى أصعب مهمة واجهها الإنسان، ذلك أنه يبدأ من واقع اختلطت فيه آمال الناس وآلامهم، بأعرافهم وأخلاقهم، ثم بأوضاعهم ونظمهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وعليه أن يتعامل مع ذلك كله؛ ليحوله إلى مثاله المنشود، وقد كانت تلك هى المهمة التى طفق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعالجها منذ وطئت قدمه الشريفة أرض المدينة وحتى وفاته، وبها بدأ التقويم الإسلامى للتاريخ، إن بذور الإسلام التى بذرها محمد -صلى الله عليه وسلم- فى صدور أصحابه بمكة قد نمت وأينعت، وصارت حياة كاملة تراها فى أسواق المسلمين، وتجارتهم. وتلحظها فى عمارة دورهم، وتخطيط شوارعهم، ولهوهم ومرحهم، كما تجدها فى خلقهم وأعرافهم، ونظمهم، وحربهم وسلمهم. وتشاهدها دومًا إن حدثت الناس، أو تجولت فى المكان!. ولقد بدأ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- طريقه الشاق ذلك ببناء المسجد، ثم بترسيخ المؤاخاة، وبعقد ميثاق التحالف -دستور الدولة-، وبث الخلق، ورفع المعنويات، ثم بمعاهدته مع اليهود، حتى إذا استقر له الأمر، واطمأن إلى الأساس، شرع يقيم بجد وجلد بناء مجتمعه المنشود، والذى قاوم بذكاء محاولات تفتيته المختلفة.
تحويل القبلة
إن رفع الستار قد يكون لفضح المتسترين به، أو لاستقبال نهار يوم جديد، أما تحويل القبلة، فقد كان الأمرين معًا!!. فحين نزل أمر الله تعالى فى شعبان فى العام الثانى من الهجرة بتحويل قبلة المسلمين من المسجد الأقصى بالقدس، إلى المسجد الحرام بمكة، فضح كثير من ضعفاء اليهود ومنافقيهم، الذين أظهروا الإسلام وأبطنوا عداوته- فضحوا برفضهم الامتثال لأمر الله، ورجوعهم إلى ما كانوا عليه، فتطهرت صفوف المسلمين منهم. ولا شك أيضًا أن فى تحويل القبلة إيذانًا باستقبال طور جديد فى دعوة المسلمين، طور لا ينتهى إلا باحتلال القبلة الجديدة، فهل يصلى المسلمون لقبلة قد نجستها أوثان المشركين؟! | |
|
أسيرة الحرمان
عدد الرسائل : 280 العمر : 41 الموقع : جده العمل/الترفيه : تطوير المنتدى الاوسمة : اعلام : مزاج : الوظيفة : تاريخ التسجيل : 03/05/2008
| موضوع: رد: سيرة الرسول-صلى الله عليه وسلم- الجزء السابع عشر السبت نوفمبر 22, 2008 12:39 am | |
| | |
|
Eros Admin
عدد الرسائل : 338 الموقع : https://eros.mam9.com الاوسمة : مزاج : الوظيفة : تاريخ التسجيل : 09/09/2007
| موضوع: رد: سيرة الرسول-صلى الله عليه وسلم- الجزء السابع عشر السبت نوفمبر 29, 2008 1:52 pm | |
| | |
|