SiLVeR
عدد الرسائل : 111 العمر : 44 العمل/الترفيه : صيانة و برمجة الكمبيوتر الاوسمة : تاريخ التسجيل : 09/05/2008
| موضوع: سيرة الرسول-صلى الله عليه وسلم- الجزء السادس عشر الإثنين سبتمبر 01, 2008 9:57 am | |
| هجرة النبى -صلى الله عليه وسلم-
"على رسلك فإنى أرجو أن يؤذن لى". هكذا كانت إجابة النبى -صلى الله عليه وسلم- لأبى بكر حين تجهز للهجرة إلى المدينة، وما إن علم الصديق بذلك حتى حبس نفسه على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ ليصحبه، وعلف راحلتين بذلك استعدادًا للهجرة المرتقبة، وفى السابع والعشرين من صفر للسنة الرابعة عشرة من النبوة جاء الأمر بالهجرة من الله -عز وجل- إلى رسوله الكريم، فانطلق فى الظهيرة إلى صاحبه أبى بكر، متقنعًا؛ ليخبره الخبر، ثم رجع -صلى الله عليه وسلم- بعد أن أبرم الخطة مع صديقه إلى بيته ينتظر مجيئ الليل، أما مشركو مكة فقد تعجلوا تنفيذ مؤامرتهم الدنيئة، وقاموا بتطويق المنزل، حتى يغمدوا فى صدره الشريف سيوفهم إذا أرخى الليل أستاره، لكن رافع السماوات بغير عمد، مالك الملك، ومدبر الأمر -سبحانه وتعالى-، جرت مشيئته بأن يغادر الرسول بيته، ثم يلحق بأبى بكر؛ ليتحركا إلى غار ثور، وفى الغار كان اختباؤهما عن عيون قريش، التى جن جنونها، وأسرعت فى مطاردة الرسول -صلى الله عليه وسلم-، ولما أعجزها الطلب؛ رصدت مكافأة ضخمة لمن يأتى لها بالمهاجرين حيين أو ميتين، فاجتمع عليه -صلى الله عليه وسلم- مع مطاردة قريش مطاردة سراقة بن مالك أيضًا. ومضى النبى -صلى الله عليه وسلم- فى حماية ربه وأمنه قدمًا فى الطريق إلى المدينة، وجرت له بها أحداث عديدة، منها: نزوله -صلى الله عليه وسلم- وأبى بكر فى خيمة أم معبد، التى هنئت بمقدمه المبارك، ومازال الرسول -صلى الله عليه وسلم- يتقدم فى مسيره حتى نزل بقباء، ثم دخل المدينة التى طال اشتياق أهلها لمجيئه وإقامته بها، وبعد أيام من وصوله لحق به أهله -صلى الله عليه وسلم- وأهل أبى بكر، ثم كانت هجرة على -كرم الله وجهه-.
الأمر بالهجرة
نزل جبريل الأمين -عليه السلام- إلى النبى يخبره بمؤامرة قريش، وأن الله قد أذن له فى الهجرة، ويحدد له وقت الهجرة فى قوله: لا تبت هذه الليلة على فراشك الذى كنت تبيت عليه. ومن فوره ذهب الرسول -صلى الله عليه وسلم- فى حر الظهيرة إلى أبى بكر متقنعًا، فعلم الصديق أن نبيه لم يأت فى هذه الساعة إلا لأمر قد حدث، واستأذن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثم دخل على أبى بكر -رضى الله عنه- قائلاً: إنى قد أذن لى فى الخروج، فأجابه الصديق: الصحبة بأبى أنت يا رسول الله؟! فقال -صلى الله عليه وسلم-: نعم. وعاد النبى -صلى الله عليه وسلم- إلى بيته مترقبًا مجىء ليل، ينتظره معه صناديد قريش!.
تطويق المنزل
أمضى كبراء قريش -بل سفهاؤها- نهارهم فى الإعداد لمعركتهم الكبرى والتى سيواجهون فيها بشجاعة رجلاً أعزل ينام هادئًا فى فراشه البسيط!! وبسخرية شديدة أبدى أبو جهل دهشته المتعالية من أمر النبى -صلى الله عليه وسلم- حين وقف مع جمعه الفتى محاصرًا بيت النبوة غير شاك من نفاذ أمره قائلاً: إن محمدًا يزعم أنكم إن تابعتموه على أمره كنتم ملوك العرب والعجم، ثم بعثتم من بعد موتكم، فجعلت لكم جنان كجنان الأردن، وإن لم تفعلوا كان له فيكم ذبح، ثم بعثتم من بعد موتكم ثم جعلت لكم نارٌ تحرقون فيها. ولا شك أن سخريةً ودهشةً هما أكبر من سخرية أبى جهل ودهشته ستكون من نصيبنا نحن!! نحن الذين نطالع الآن هذا الحدث، ونحن نعلم كيف سيخيب أبو جهل وفريقه، وكيف سيخرج النبى -صلى الله عليه وسلم- من بينهم سالمًا، وكيف سيكون له فيهم ذبح، ويكون لأتباعه من بعده ملك العرب والعجم، أما السخرية فمن موقفه المتعالى ذاك، وأما الدهشة فمما نعلمه من إصراره على مضيه فى طريقه بعد ظفره من هذا الحصار بخفى حنين الشهيرين!.
الرسول يغادر بيته
مر رجل مشرك ببيت محمد -صلى الله عليه وسلم- ليلاً فرأى أمرًا عجبًا، سادة قريش وكبراؤها ينامون حول باب البيت ورؤوسهم مغطاة بالتراب!! وبدهشة قد خالطتها السخرية أيقظهم متسائلاً: ماذا تنتظرون؟، فأجابوه بثقة الأغبياء: محمدًا. أما محمد الذى ينتظرونه فإنه قد خرج من بين صفوفهم المتراصة، بعد أن جعل عليًا مكانه فى الفراش، وغطاه ببردته، وأخذ حفنة من التراب وجعل يذرها على رؤوسهم، وهو يتلو: (وجعلنا من بين أيديهم سدًا ومن خلفهم سدًا فأغشيناهم فهم لا يبصرون)، وأفاق مشركو مكة على كلمات الرجل، التى ألقاها فى وجوههم وهو يتولى عنهم متعجبًا قائلاً: خبتم وخسرتم، فو الله مر بكم، وذر على رؤوسكم التراب، وانطلق لحاجته، لكن النومى المعاندين نفضوا عن رؤوسهم التراب، وتطلعوا من صير الباب، فرأوا عليًا، فطمأن بعضهم بعضًا قائلين: والله إن هذا لمحمد نائم، عليه برده. فبقوا فى أماكنهم متيقظين متنبهين حتى استيقظ على وقام عن فراشه، فطاش صوابهم، وسألوه عن النبى -صلى الله عليه وسلم- فقال ببساطة: لا علم لى به!.
من الدار إلى الغار
بينا الليل قد أرخى ستاره على مكة فى ليلة السابع والعشرين من شهر صفر للسنة الرابعة عشرة لبعثته -صلى الله عليه وسلم- إذ سمع أبوبكر الصديق من يطرق بابه، وعلى الفور استقبل الصديق زائره المرتقب محمدًا -صلى الله عليه وسلم-، وأسرع خارجًا معه من باب خلفى بالدار، وعلى عكس المتوقع، اتجه النبى -صلى الله عليه وسلم- وصاحبه جنوبًا باتجاه اليمن، وأخذ يجدُّ وصاحبه فى السير خمسة أميال حتى وصلا إلى جبل شامخ، وعر الطريق، صعب المرتقى، ذى أحجار كثيرة، يعرف بجبل ثور، فتسلقاه إلى أن انتهيا إلى غار فى قمة الجبل، عرف بغار ثور فدخلاه.
فى الغار
لا شك أن تاريخ الإنسان على الأرض سيظل يحفظ فى ذاكرته هذا المشهد باعتزاز وتقدير! نبىُّ كريم يحمل النور للبشرية يقبع فى غار مظلم، وقد أجهده السير، فوضع رأسه فى حجر صاحبه، ثم نام لكنه الآن ينتبه، وما أيقظه إلا دموع صاحبه التى انحدرت رغمًا عنه فوقعت على وجهه الشريف، ويسائل محمد -صلى الله عليه وسلم- صاحبه: مالك يا أبا بكر؟ فيجيبه الصديق: لدغت، فداك أبى وأمى. إن أبا بكر وقد وجد ثقبين فى الغار، خاف على نبيه العظيم، فوضع فى كل واحد منهما قدمًا من قدميه، حتى لدغ، فأبى أن يتحرك حتى لا يوقظ حبيبه، حقًا ما أقسى جبل ثور، وما أرق المشاعر التى حبست فى جوفه!، تفل الرسول صلى الله عليه وسلم- على قدمه، فذهب عن أبى بكر ما أصابه، وبقى المهاجران بالغار ثلاث ليال يأتيهما عبدالله بن أبى بكر بخبر قريش ليلاً، ثم يغدو عليهما عامر بن فهيرة مولى أبى بكر بغنم له، فيشربان من لبنها، ويعود مولى أبى بكر بغنمه إلى مكة، مزيلاً بآثارها آثار ابن أبى بكر.
مطاردة الرسول -صلى الله عليه وسلم-
إن سيوف قريش العازمة على اختراق جسد النبى الشريف لم تلق فى صبيحتها محمدًا فى بيته، وبدلاً من اعترافها بالعجز أمام قدرة الله تعالى ومشيئته، استدارت رؤوس الكفر لتصب جام غضبها، وتظهر مدى شجاعتها على فتى أعزل، وفتاة وحيدة، أما الفتى فكان عليًا، فضربوه وسحبوه إلى الكعبة، وحبسوه ساعة، وأما الفتاة فكانت أسماء بنت أبى بكر، قدموا إليه بقوتهم المتغابية، بعد أن عجزوا عن أن يظفروا من على بمعلومة تفيدهم، فقرعوا بابها وسألوها عن أبيها، فأجابتهم بثبات: لا أدرى والله أين أبى، فرفع المتغطرس الفاحش الخبيث أبو جهل يده، ولطم خدها لطمة طرح منها قرطها، ثم مضى يعوى، وقد لحقه جيش الأغبياء. واجتمعت قريش، وأصدرت أوامرها المتعالية الطائشة: توضع جميع الطرق الخارجة من مكة تحت الحراسة المشددة، ومن يأت بمحمد أو صاحبه حيًا أو ميتًا يمنح مكافأة مائة من الإبل. ينتشر على الفور الفرسان والمشاة وقصاص الأثر فى الطلب. لكن ما جدوى ذلك كله والله هو المقدر والمدبر؟! نعم وصلت أقدامهم الخائبة إلى باب الغار، وخشى أبو بكر من افتضاح أمرهما وقال: يا نبى الله، لو أن بعضهم طأطأ بصره لرآنا، وخاف أن يمس رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بسوء، فقال: إن قتلت فإنما أنا رجل واحد، وإن قتلت أنت هلكت الأمة، لكن ما جدوى وصولهم والأمر بيد الله تعالى من قبل ومن بعد؟! هكذا كان الدرس الذى نطق به النبى -صلى الله عليه وسلم- متسائلاً: ما ظنك يا أبا بكر باثنين الله ثالثهما؟!.
مطاردة سراقة
فارس مترجل عن فرسه النجيبة، يحمل رمحه، ويسعى خلف رجل أعزل يطلب منه الأمان! والأعزل يسير قدمًا، يتلو قرآن ربه، ولا يلتفت إليه! تلك هى الصورة التى نقلتها لنا كتب السيرة لفارس بنى مدلج: سراقة بن مالك بن جعشم، حين خرج يطارد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وصاحبه الصديق طامعًا فى مكافأة قريش، فعاندته فرسه وغاصت قوائمها فى الرمل مرارًا، حتى علم أن محمدًا وصاحبه ممنوعان، وأعطى محمد -صلى الله عليه وسلم- سراقة الأمان، كتابًا خطه عامر بن فهيرة، ليحتفظ به سراقة، سراقة الذى بدأ يومه محاربًا للنبى -صلى الله عليه وسلم-، ثم أنهى هذا اليوم مدافعًا عنه، بتضليل المطاردين له، وصرفهم عن هذا الطريق.
فى الطريق إلى المدينة
ثلاثة أيام مرت على النبى -صلى الله عليه وسلم- وصاحبه فى الغار حتى هدأت المطاردة، ثم خرجا بعدها ليبدءا رحلتهما إلى المدينة بصحبة دليلهما عبدالله بن أريقط، الذى كان على دين قريش، وكانا قد عهدا إليه براحلتيهما، وواعداه غار ثور بعد ثلاث ليال، وصحبهما أيضًا عامر بن فهيرة مولى أبى بكر، وأتتهما أسماء بنت أبى بكر بطعامهما، ثم تحرك الركب جنوبًا باتجاه اليمن، فغربًا نحو الساحل ثم شمالاً بمحاذاة الساحل، فى طريق لا يسلكه أحد إلا نادرًا، وكان الصديق خلال الرحلة يفرغ وسعه لراحة النبى -صلى الله عليه وسلم- وأمنه، فإذا سأله أحد: من هذا الرجل الذى بين يديك؟، أجابه: هذا الرجل يهدينى الطريق؛ حتى يخفى حقيقة النبى -صلى الله عليه وسلم- طلبًا لسلامته، ودون أن يكذب، وفى الطريق كانت هناك مفاجأة كبيرة تنتظر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وصاحبه: تلك هى اعتراض بريدة بن الحصيب الأسلمى لهما طمعًا فى مكافأة قريش، لكن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دعاه إلى الإسلام، فأسلم من فوره مع سبعين رجلاً من قومه، ونزع عمامته، وعقدها برمحه، فاتخذها راية تعلن بأن ملك الأمن والسلام قد جاء ليملأ الدنيا عدلاً وقسطًا، وكانت فرحة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بهذا النصر الجديد كبيرة، إذ بإسلام بريدة الذى كان سيد قومه دخلت قبيلة أسلم فى الإسلام، وصارت قاعدة إسلامية جديدة على الطريق بين مكة والمدينة، ولقى النبى -صلى الله عليه وسلم- فى الطريق أيضًا الزبير، وهو فى كرب من المسلمين، كانوا تجارًا عائدين من الشام، فكسا الزبير النبى -صلى الله عليه وسلم-وصاحبه ثيابًا بيضاء.
فى خيمتى أم معبد
حامل الخير تجد أثره وريحه حيثما مر! ولقد مر نبى الله بخيمتى أم معبد الخزاعية، وكانت امرأة جلدة تطعم وتسقى من مر بها، إلا أنها اعتذرت عن تقديم شىء لمحمد وصاحبه قائلة: والله لو كان عندنا شىء ما أعوزكم القرى، فجاء النبى إلى شاة ضعيفة، لم تستطع لشدة ما بها أن ترعى مع الغنم، ثم مسح بيده الشريفة على ضرعها، وسمى الله ودعا، فامتلأ لبنًا حلبه النبى -صلى الله عليه وسلم-، ثم سقاها، فشربت حتى رويت، وسقى صحبه حتى روى، ثم شرب وحلب فى إناء لها ثانيًا، حتى ملأه ثم تركها وارتحل، وأفاقت أم معبد على صوت زوجها: من أين لك هذا؟ والشاة عازب ولا حلوبة فى البيت؟! فأخبرته خبر الرجل المبارك الذى مر بها فقال: إنى والله أراه صاحب قريش الذى تطلبه، ثم قال: لقد هممت أن أصحبه، ولأفعلن إن وجدت إلى ذلك سبيلا!. أما أهل مكة فقد أصبحوا يسمعون صوتًا ينشد بأبيات يصف بها مرورمحمد -صلى الله عليه وسلم- بخيمتى أم معبد، وهم يتبعون صاحب الصوت ولا يرونه، فلما سمع الناس صوت هذا الرجل من الجن علموا أين ذهب محمد -صلى الله عليه وسلم-. | |
|
أسيرة الحرمان
عدد الرسائل : 280 العمر : 41 الموقع : جده العمل/الترفيه : تطوير المنتدى الاوسمة : اعلام : مزاج : الوظيفة : تاريخ التسجيل : 03/05/2008
| موضوع: رد: سيرة الرسول-صلى الله عليه وسلم- الجزء السادس عشر السبت نوفمبر 22, 2008 12:37 am | |
| | |
|
Eros Admin
عدد الرسائل : 338 الموقع : https://eros.mam9.com الاوسمة : مزاج : الوظيفة : تاريخ التسجيل : 09/09/2007
| موضوع: رد: سيرة الرسول-صلى الله عليه وسلم- الجزء السادس عشر السبت نوفمبر 29, 2008 1:53 pm | |
| | |
|