SiLVeR
عدد الرسائل : 111 العمر : 44 العمل/الترفيه : صيانة و برمجة الكمبيوتر الاوسمة : تاريخ التسجيل : 09/05/2008
| موضوع: سيرة الرسول-صلى الله عليه وسلم- الجزء الثاني عشر الإثنين سبتمبر 01, 2008 9:30 am | |
| الدعوة خارج مكة
أبت الدعوة أن تظل حبيسة فى مكة. وما يدفعها لذلك؟، ألم تصل إلى كل أذن لقريش، أليست هى دعوة رب العالمين للعالمين؟، أليست هى دعوة للإنسان -كل إنسان- على الأرض حتى تقوم الساعة؟، فما يبقيها فى مكة بعد الآن؟. مكثت الدعوة فى مكة عشر سنين، آمن فيها من آمن، وكسل فيها من كسل، وآن للنبى -صلى الله عليه و سلم- الذى كلف بحمل الدعوة للناس أن يحمل هذا النور خارج مكة، وإلى الطائف كانت رحلته الأولى. وحول الكعبة عرض الإسلام على القبائل منتهزًا أيام الحج، وما كان يتحرك للجمع فحسب، بل كان يحركه الفرد، فيأتيه ويدعوه، وبدين الله يعرفه، وظل كذلك حتى أتته البشرى، نسمات من يثرب ست أضحت بعد أن دُعِيَت، تسعى فى نور الحق، وفى هذا العام: الحادى عشر للنبوة، تزوج النبى -صلى الله عليه وسلم- عائشة ابنة صِدِّيقه أبى بكر، وفى هذه المرحلة، وضوء نجاح الدعوة يشرق حينًا ويخبو حينًا آخر أسرى برسول الله -صلى الله عليه وسلم- من المسجد الحرام إلى بيت المقدس، وعرج به إلى السماء، تثبيتًا لفؤاده، وتبشيرًا لأتباعه، وفى العام الثانى عشر للنبوة أثمرت بشرى يثرب وفدًا بايع الرسول -صلى الله عليه وسلم- بمنى بيعة العقبة الأولى، وفى العام التالى كانت بيعة العقبة الثانية، وهكذا أصبح للإسلام وطنٌ فى أرض العرب يأوى إليه، فكان إذن النبى -صلى الله عليه وسلم- للمؤمنين بالهجرة إلى يثرب. وشعرت قريش أن زمام الأمر قد أفلت من بين يديها، وفى دار الندوة كان الكيد، ولقتل محمد كانت مؤامرة قريش، لكن الله يحفظه، ومن فوق العرش نجَّاه، وإلى يثرب كانت هجرته، هجرة رجل حمل الحق فخرج من داره، لكن مدينته المنتظرة، وقلعته المنصورة، كانت فى استقباله.
الرسول -صلى الله عليه وسلم- فى الطائف
لم يكد عام الحزن -العام العاشر للبعثة- يشارف على نهايته حتى أظهرت صفحاته حادثة أليمة أخرى كانت تنتظر النبى -صلى الله عليه وسلم-، فدور مكة التى أوصدت أبوابها دون دعوته، وسفهاؤها الذين صاروا يتجرؤون عليه بعد وفاة عمه أبى طالب، وكبراؤها الذين كاشفوه العداوة والبغضاء، وتطاولوا على ضعاف المسلمين- كل ذلك قد دفع الرسول أن يلتمس النصرة خارج مكة، وإلى الطائف كان المسير، حيث قطع النبى -صلى الله عليه وسلم- ستين ميلا متوجها إليها على قدميه، معه مولاه زيد بن حارثة فى شوال من العام العاشر للنبوة، فمكث فيها عشرة أيام يدعو أهلها، فردوا عليه دعوته، وأساءوا وفادته، ولم يتوقفوا عند هذا الحد، بل تطاولوا عليه، وآذوه فى رحلة عودته. وعاد النبى -صلى الله عليه وسلم- إلى مكة، وبلغ مشارفها فسأله زيد معجبًا: كيف تدخل عليهم وقد أخرجوك؟، فأجابه الرسول -صلى الله عليه وسلم- مطمئنًا: يا زيد، إن الله جاعل لما ترى فرجًا ومخرجًا. إن محمدًا -صلى الله عليه وسلم- الذى أنهكت جسده أحداث هذه الرحلة العصيبة، ظل قلبه وعقله يحلقان بعيدًا يلتمسان الهدى من السماء، ويستشرفان المستقبل لهذا الدين الجديد، لا يفت فى عضده شىء، ولا يوهن من عزيمته أحد، ولا يحنى من قامته إيذاء أو حادث. كيف؟!، وربه حسبه ونعم الوكيل. والتمس محمد -صلى الله عليه وسلم- الجوار فى مكة، حتى أجيب إلى ذلك، فدخل فى جوار المطعم بن عدى.
دعوة أهل الطائف
بين صفحات الكتب يحتفظ التاريخ بصورة عجيبة، بلغ العجب فيها منتهاه: دار من دور الطائف ضمت ثلاثة من سادتها، قد اتكأوا على أرائكهم، ومدوا أقدامهم الغليظة، وأخذوا يستمعون فى كسل شديد، وينظرون بأنصاف عيون، قد ملأ نفوسهم الكبر، وأخذ البطر بأطراف قلوبهم، جلس هؤلاء النفر يستمعون إلى نبىّ عظيم، خاتم رسل الله للعالمين، بعد رحلة قوامها ستون ميلاً، سارها على قدميه الشريفتين، أما هؤلاء النفر الثلاثة فكانوا: عبد ياليل، ومسعودًا، وحبيبًا، أبناء عمر بن عمير الثقفى، وأما النبى العظيم فكان محمدا-صلى الله عليه وسلم- ولا شك! سمعوا منه الدعوة إلى الإسلام ونصرته، فتمطى أحدهم وقال: امرط ثياب الكعبة إن كان الله أرسلك، وتساءل الثانى مستهزئًا: أما وجد الله أحدًا غيرك؟! وتصنع الطرف الثالث قائلاً: والله لا أكلمك أبدًا، إن كنت رسولاً لأنت أعظم خطرًا من أن أرد عليك الكلام، ولئن كنت تكذب على الله ما ينبغى أن أكلمك. هكذا كانت إجابتهم للرسول الكريم! ألم تمتلئ بطونهم بالطعام؟، ألم تكس أجسادهم بالحرير؟، ألم تألف جنوبهم لين المضاجع؟، ففيم البحث والعناء عن الآخرة وأهلها؟!. إن النعم التى منحها إياهم ربهم سبحانه وتعالى قد أحالوها حجابًا يستر عنهم يد المنعم وقدرته، قام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عنهم قائلاً: إذا فعلتم ما فعلتم فاكتموا عنى، ثم جاب دروب الطائف ودورها يدعو أهلها، ولا يدع شريفًا من أشرافهم إلا جاءه وكلمه، فما كان يصله منهم إلا قولهم: اخرج من بلادنا. وجاءت ساعة الخروج، فأغروا به سفهاءهم يسبونه ويصيحون به، وكان الإيذاء فى رحلة العودة.
الإيذاء ورحلة العودة
سألت السيدة عائشة -رضى الله عنها- رسول الله ذات مرة: هل أتى عليك يوم كان أشد عليك من يوم أحد؟، قال: لقيت من قومك ما لقيت، وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة يقصد عند خروجه من الطائف. إن محمدًا صلى الله عليه وسلم- الذى لم يسألهم شيئًا لنفسه أو دنياه، بل سألهم أن يؤمنوا بالله الواحد القهار، ليكون لهم الفلاح فى الدنيا والنجاة والفوز فى الآخرة، لم يلق منهم إلا أشد العداء، وأسوأ التنكيل. تبعه فى خروجه سفهاؤهم وعبيدهم، يسبونه ويصيحون به، ووقفوا له صفين، وجعلوا يرمونه بالحجارة حتى اختضب نعلاه بالدماء، وكان إذا تعثر قصد إلى الأرض، فيأخذونه بذراعيه، ويقيمونه، فإذا مشى رجموه وهم يضحكون، وزيد بن حارثة يقيه بنفسه، حتى شج فى رأسه شجاجًا. ولجأ النبى الكريم -صلى الله عليه وسلم- إلى بستان لعتبة وشيبة ابنى ربيعة، على ثلاثة أميال من الطائف، فرجع عنه السفهاء، ورق لحاله ابنا ربيعة على كفرهما- فأرسلا غلامًا لهما يدعى عداسًا بقطف من عنب، وكان عداس نصرانيًا، فلما قدمه إلى النبى -صلى الله عليه وسلم- مد يده قائلاً: بسم الله، ثم أكل، ودار بينهما حديث قصير لم ينته إلا وعداس قد أكب على رأس النبى -صلى الله عليه وسلم- ويديه ورجليه يقبلها وقد أسلم. ومضى النبى حزينًا حتى وصل إلى-قرن المنازل- فبعث الله إليه جبريل -عليه السلام- ومعه ملك الجبال، يستأمره أن يطبق الأخشبين -وهما الجبلان اللذان يحيطان بمكة- على أهلها فأجابه النبى -صلى الله عليه وسلم- قائلا: بل أرجو أن يخرج الله -عز وجل- من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئًا. وواصل مسيره حتى بلغ وادى نخلة، فبعث الله إليه نفرًا من الجن استمعوا إليه وهو يتلو القرآن، فآمنوا، وولوا إلى قومهم منذرين. حقًا إن أفئدة الطائف ودورها قد أوصدت دون محمد -صلى الله عليه وسلم-، لكن رحلته تلك قد آمن بسببها عداس الزكى، وأقوام من الجن، أما مكة التى طردته، فقد أيده الله بملك الجبال ولكنه أبى الانتقام، وآثر العفو والصفح. إن رحلة العودة وما حدث بها من تأييد وعجائب، قد أذهبت الحزن عن قلب المصطفى، وجعلته يسمو حتى يرى مكة والطائف من علٍ، فلا يشقيه ما يلاقيه فيهما من الصغار.
الدخول فى جوار المطعم
واصل الرسول -صلى الله عليه وسلم- رحلة عودته حتى شارف مكة، وهناك مكث بحراء عشر سنوات طويلة، مرت به منذ أتاه جبريل لأول مرة بهذا الغار، وها هى الأيام تمر، ويعود محمد -صلى الله عليه وسلم- إلى نفس البقعة المباركة، لكن دعوته اليوم قد تسربت فى دور مكة المعاندة، وكلمات ورقة صارت حقيقة يومًا بعد يوم، والمشاعر التى تزاحم قلبه الزكى الآن لا يستطيع أن يهبط إلى خديجة بمكة مسارعًا ليكاشفها بها؛ لأن خديجة قد ماتت، ومكة قد أخرجته منها. كيف تدخل عليهم وقد أخرجوك؟، هكذا كانت كلمات زيد بن حارثة التى طرقت سمع الرسول -صلى الله عليه وسلم-، لكن النبى -صلى الله عليه وسلم- الواثق من ربه، المتوكل عليه، أجابه بيقين: يا زيد، إن الله جاعل لما ترى فرجًا ومخرجًا، وإن الله ناصر دينه ومظهر نبيه. وبعث النبى -صلى الله عليه وسلم- رجلاً من خزاعة إلى الأخنس بن شريق ليجيره فقال: أنا حليف والحليف لا يجير، فبعث إلى سهيل بن عمرو فأجابه: إن بنى عامر لا تجير على بنى كعب! ويبدو أن كلا الرجلين قد أدرك أن الوقوف فى وجه قريش أمر لا تحمد عواقبه، فأرسل محمد -صلى الله عليه وسلم- إلى المطعم بن عدى فقال: نعم، ثم تسلح وألبس بنيه وقومه السلاح، وجعلهم على أركان البيت، ثم اعتلى راحلته، وقد أرسل إلى النبى -صلى الله عليه وسلم- بالدخول إلى المسجد، وقال مناد: يا معشر قريش، إنى قد أجرت محمدًا فلا يهجه أحد منكم، أما محمد -صلى الله عليه وسلم- فقد استلم الركن -أى قبله-، ثم صلى ركعتين، وانصرف إلى بيته فى حراسة المطعم وولده. ويبدو أن أبا جهل لم يجد ما يحفظ به ماء وجهه، فذهب إلى المطعم وسأله: أمجير أنت أم متابع؟ أى: مسلم، فقال المطعم: بل مجير، فأجابه أبو جهل: قد أجرنا من أجرت.
عرض الإسلام على القبائل
محمد -صلى الله عليه وسلم- رسول الله ليس إلى قريش خاصة، بل إلى العالمين كافة؛ ولهذا السبب فإن قدمى محمد -صلى الله عليه وسلم- دأبتا على السعى بين قبائل العرب؛ ليدعوهم إلى الإسلام، منتهزًا فرصة موسم الحج، أما فى هذا العام -العام العاشر للنبوة- فقد أصبح للنبى من دعوتهم هدف جديد، تمثل هذا الهدف فى طلب صريح للحماية من القبائل العربية، حتى يتمكن من تبليغ دعوة الله -عز وجل-. ومن هذه القبائل التى دعاها -صلى الله عليه وسلم- فى هذا العام: بنو كلب، وبنو عامر، وبنو شيبان بن ثعلبة، وبنو حنيفة الذين أتاهم فى منازلهم فدعاهم، فلم يكن أحد من العرب أقبح عليه ردًا منهم.
دعوة بنى كلب
أتى النبى -صلى الله عليه وسلم- إلى بطن منهم يقال لهم بنو عبدالله، فدعاهم إلى الله، وعرض عليهم نفسه، حتى إنه ليقول لهم: يا بنى عبدالله، إن الله قد أحسن اسم أبيكم. فلم يقبلوا منه ما عرض عليهم.
دعوة بنى شيبان بن ثعلبة
وقد ذهب إليهم النبى برفقة صديقه أبى بكر، فتحدثا إلى أربعة من أشرافهم حديثًا بدأه أبو بكر، وتحسس فيه قوتهم ومنعتهم، ثم استكمله النبى -صلى الله عليه وسلم- عارضًا دعوته وطلبه للمنعة، فأجابه مغروق بن عامر بقول حسن، لكن ثانيهم: هانئ بن قبيصة رأى عدم العجلة والتروى والنظر فى الأمر، وأجابه ثالثهم المثنى بن حارثة إلى قبوله النصرة مما يلى مياه العرب لا مما يلى أنهار كسرى؛ لأنهم محالفوه، فقال لهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ما أسأتم الرد إذ أفصحتم بالصدق، فإن دين الله لن ينصره إلا من حاطه بجميع جوانبه.
دعوة بنى عامر بن صعصعة
أتاهم النبى -صلى الله عليه وسلم- فدعاهم إلى الله، وعرض عليهم نفسه، لكن يبدو أنهم كانوا مشغولين بدنياهم، غير عابئين بآخرتهم، فإن أحدهم ويدعى بيحرة بن فراس حدثهم قائلاً: والله، لو أنى أخذت هذا الفتى من قريش لأكلت به العرب، ثم قال للنبى: أرأيت إن نحن بايعناك على أمرك، ثم أظهرك الله على من خالفك، أيكون لنا الأمر من بعدك؟، فأجابه الرسول-صلى الله عليه وسلم-: الأمر إلى الله يضعه حيث يشاء، فلم يعجب هذا الرد طالب الدنيا فقال له: أفنهدف نحورنا للعرب دونك، فإذا أظهرك الله كان الأمر لغيرنا، لا حاجة لنا بأمرك، وانصرفوا عنه، وما علموا أى خير فقدوه.
عرض الإسلام على الأفراد خارج مكة
الناس فى ميزان الرجال ليسوا سواء، وإن كان إبراهيم -عليه السلام- أمةً كما وصفه ربه، فإن دونه رجال قد يوزن الواحد منهم بقبيلةً أو أكثر، وإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الذى كان يقصد القبائل فى موسم الحجيج، لم يكن يفوته أن يأتى رجالاً بأعينهم، أو أن يجلس إليهم إن هم بادروه، ومن هؤلاء الرجال الذين لبوا نداء الحق حين سمعوه فى زيارتهم لمكة: سويد بن صامت، وإياس بن معاذ، وأبو ذر الغفارى، وطفيل بن عمرو الدوسى، وضماد الأزدى.
سويد بن صامت
العاقل الذى يحسن أن يسمع ما أيسر دعوته! هكذا كان سويد الذى سماه قومه الكامل؛ لجلده وشعره وشرفه ونسبه، التقى بمحمد صلى الله عليه وسلم- فى أوائل العام الحادى عشر للبعثة فدعاه، فقال له سويد: لعل الذى معك مثل الذى معى، فسأله النبى صلى الله عليه وسلم-: وما الذى معك؟، فقال سويد: حكمة لقمان، ثم عرضها على النبى -صلى الله عليه وسلم- فقال له: إن هذا الكلام حسن! والذى معى أفضل من هذا، قرآن أنزله الله تعالى على هو هدى ونور، ثم تلا عليه القرآن، فقال سويد: إن هذا لقول حسن، ثم أسلم، هكذا بمنتهى السهولة واليسر. فحوار كحوار محمد -صلى الله عليه وسلم-، وعقل لم توصد أبوابه، أو تسد نوافذه كعقل سويد، لا يقف أمامهما شىء، أما سويد فكأن الله قد أدركه فى فرصته الأخيرة، فإنه ما إن عاد إلى المدينة -بلدته- حتى اختطفه الموت قتلاً فى يوم بعاث.
إياس بن معاذ
ما أشقى أولئك البشر الذين يدبون فى الحياة الواسعة، ثم هم لا يرون منها إلا ما وطئته أقدامهم!. إن وفدًا من أوس يثرب قدم على مكة يسأل قريشًا حلفًا يستعين به على قتال بنى العم، لم يدع لنفسه فرصة يستمع فيها لنبى الله وهو يدعوه لما هو خير وأبقى. أما إياس بن معاذ، وقد كان غلامًا حدثًا فى صحبة قومه، فإنه لم يشغله الباطل الذى بين يديه عن الحق الذى تراءى أمام عينيه، وصاح بقومه عند سماعه حديث محمد -صلى الله عليه وسلم-: أى قوم، هذا والله خير مما جئتم له!، لكن أين لصوت الحق أن يجد آذانا تسمعه وسط صخب حديث الحرب؟!، إن جواب الأوس لإياس كان حفنة من التراب ألقيت فى وجهه على يد أحدهم -أبى الحيسر بن رافع- وهو يصيح بالنبى: دعنا عنك، فلعمرى لقد جئنا لغير هذا. وأين ما جاءوا له مما جاءهم به ؟!. وانصرف الوفد قافلاً دون أن يحوز حلف قريش، أما إياس فإنه لم يلبث أن هلك، وكان يهلل، ويكبر، ويحمد، ويسبح عند موته، فلا يشكون أنه مات مسلمًا.
ضماد الأزدى
ما أعجب ما لاقاه محمد -صلى الله عليه وسلم- من قومه! من هذا العجب موقفه حين كان سائرًا فى طريقه، فإذا هو برجل يمنى يعرض عليه بطيبة قلب أن يرقيه حتى يشفى من جنونه. أما هذا اليمنى، فقد كان ضمادًا الأزدى، وكان يرقى من الريح ببلده، وغدا إلى مكة فسمع من أهلها أن محمدًا مجنون، فرأى ببساطة أن يرقيه ليشفى، وما نفى محمد عن نفسه الجنون، وما نهى الرجل عن صنيعه، إنما ابتدره قائلاً: إن الحمد لله نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلله فلا هادى له، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أما بعد. وهنا لم يتمالك الأزدى نفسه حتى قال له: أعد على كلماتك هؤلاء، فأعادهن عليه الرسول -صلى الله عليه وسلم- ثلاثًا، فقال له ببساطة الحق وروعته: لقد سمعت قول الكهنة، وقول السحرة، وقول الشعراء، فما سمعت مثل كلماتك تلك، ولقد بلغن قاموس البحر، هات يدك أبايعك على الإسلام، فبايعه. حقًا! إن القلب الصادق، والعقل الفطن، لا يحتاجان لكثير جدال حتى يتبين لهما الحق. | |
|
أسيرة الحرمان
عدد الرسائل : 280 العمر : 41 الموقع : جده العمل/الترفيه : تطوير المنتدى الاوسمة : اعلام : مزاج : الوظيفة : تاريخ التسجيل : 03/05/2008
| موضوع: رد: سيرة الرسول-صلى الله عليه وسلم- الجزء الثاني عشر السبت نوفمبر 22, 2008 12:28 am | |
| | |
|
Eros Admin
عدد الرسائل : 338 الموقع : https://eros.mam9.com الاوسمة : مزاج : الوظيفة : تاريخ التسجيل : 09/09/2007
| موضوع: رد: سيرة الرسول-صلى الله عليه وسلم- الجزء الثاني عشر السبت نوفمبر 29, 2008 1:54 pm | |
| | |
|