SiLVeR
عدد الرسائل : 111 العمر : 44 العمل/الترفيه : صيانة و برمجة الكمبيوتر الاوسمة : تاريخ التسجيل : 09/05/2008
| موضوع: سيرة الرسول-صلى الله عليه وسلم- الجزء التاسع عشر الإثنين سبتمبر 01, 2008 10:20 am | |
| المهادنة
لملك من ملوك الأرض تغدو الهدنة فرصة للراحة والاسترخاء، أو فسحة للاستمتاع بطيب العيش وملذات الحكم، أما لنبىٍّ عظيم كمحمد -صلى الله عليه وسلم-، فإن الهدنة تصبح فرصة؛ لمحاربة ذيول الكفر بعد سكون رأسه، وفسحة لتدعيم أركان الإسلام بدولة المدينة، ودعوةً فى أرجاء الأرض. وهكذا ما إن عقدت الهدنة حتى أخذ النبى الكريم -صلى الله عليه وسلم- فى مكاتبة الملوك والأمراء فى سائر أنحاء الدنيا، وظل الجهاد فى تلك الفترة متصلاً، فقد قام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بغزوة الغابة أو غزوة "ذى قرد" ثم تلاها بغزوة خيبر، وبفتحها استراح المسلمون من جناحى البغى والكفر: قريش واليهود، ولم يبق أمامهم سوى الجناح الثالث: جناح الأعراب الذين هم أشد كفرًا ونفاقـًا، فبدأ -صلى الله عليه وسلم- فى ربيع الأول سنة سبع من الهجرة بغزوة ذات الرقاع، ثم تلاها بسرايا عديدة طيلة السنة السابعة، حتى كان "ذو القعدة" فاعتمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والمسلمون معه عمرة القضاء، وما إن عاد إلى المدينة حتى أرسل عدة سرايا إلى أن كانت معركة مؤتة أعظمُ حرب دامية خاضها المسلمون فى حياة النبى -صلى الله عليه وسلم-، وكانت تمهيدًا لفتوح بلدان النصارى، وقد بعث بعدها النبى -صلى الله عليه وسلم- بسرية ذات السلاسل ثم سرية أبى قتادة إلى خضرة. وما إن جاء شهر شعبان سنة ثمان من الهجرة حتى نقضت قريش الهدنة؛ فكان ذلك إيذانًا بفتح الله على نبيه -صلى الله عليه وسلم-ونصره له بعد سنين طوال، أبت فيها قريش أن تذعن لدين الله، إلى أن طويت هذه الصفحة الأليمة بلا رجعة بفتح مكة المكرمة على يدى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والمسلمين معه، وقبل أن يغادر النبى -صلى الله عليه وسلم- مكة قام بإرسال بضع سرايا، ثم قفل راجعًا إلى مدينته المحبوبة.
الفتح ودخول الناس أفواجًا
أبت بعض القلوب المظلمة أن تفتح أبوابها لنور الحق، الذى سطع فى مكة، وغرها شيطانها؛ فوحدت صفوفها؛ لمقاتلة نبى عز عليها أن ترى انتصاره، وعلو دعوته، فخرج النبى -صلى الله عليه وسلم- لمقاتلتهم فى غزوة حنين، وكما يقولون: فعلى نفسها جنت براقش، ومحارب الله ورسوله، ترى إن لم يرجع بالخيبة، ويبؤ بالخزى والفشل، فبم يرجع، وبم يبوء؟!. وعاد الرسول -صلى الله عليه وسلم- بعد هذه الغزوة إلى المدينة منتصرًا؛ ليرسل جامعى الصدقات لمن أسلم من القبائل، و السرايا لمن اعتدى منهم. لكن "أسد الرومان" لم يعجبه استتباب الأمر فى الجزيرة للنبى الجديد ودعوته، وهو يعلم خطره، ونهشة مؤتة لا زالت توجعه، وتنبهه؛ ليترك عرينه، وينقض على غريمه الذى عظم شأنه فى الجوار. أما النبى العظيم -صلى الله عليه وسلم- فهو أشد حرصًا على دعوته من أن يؤتى على غرة؛ لذا فقد بادر بالسعى إليه فى بلده فى غزوة تبوك الشهيرة، والتى ابتليت فيها العزائم، وامتحنت فيها النفوس. ولم تنته السنة التاسعة للهجرة إلا عن بعض الوقائع المهمة، والتى كان آخرها إرسال أبى بكر أميرًا على الحج. ولا شك أن الدعوة بعد فتح مكة قد استقرت أركانها، ورسخت أقدامها؛ ولذا فقد تقاطرت الوفود على النبى -صلى الله عليه وسلم- تدخل فى دين الله أفواجًا، وبقدوم "ذى الحجة" من العام العاشر للهجرة، خرج النبى -صلى الله عليه وسلم- حاجًا حجة الوداع، ثم عاد إلى المدينة ليرسل آخرالبعوث: بعثة أسامة بن زيد إلى أرض الروم، وهى البعثة التى أجل خروجها حتى وفاة النبى -صلى الله عليه وسلم-، وصعود روحه إلى بارئها -عز وجل-، مخلفًا وراءه دولة وأمة، نموذجًا ونبراسًا لمن خلفه، وأمانة وتبعة فى عنق أتباعه، والسائرين على دربه إلى يوم الدين. اللهم صلِّ وسلم على النبى محمد ما بقيت سماء وأرض، حتى تجمعنا معه وتدخلنا مدخله يوم العرض.. آمين.
وفاته -صلى الله عليه وسلم-
ما أعجب هذا القلم، حين يتردد الآن عن كتابة وفاة النبى -صلى الله عليه وسلم-. ألم يكن يعلم منذ اللحظة الأولى، التى بدأ فيها سرد حياته أنه مات؟! أم غاضب هو من هذا الموت الذى ظل وسيلتنا الوحيدة للقيا الحبيب -صلى الله عليه وسلم- ؟! لكن لعلها الذكرى تتجدد، فتهيج بريحها العاصف أشواق اللقاء، وهو أمر لا حيلة لنا معه! إلا أن نذكر أن كلماته باقية حولنا، وسننه ووصاياه وهديه بين أيدينا، ثم وعده بوصال لا ينقطع، فى جنة عرضها السماوات والأرض، بادٍ أمام أعيننا. شعر محمد -صلى الله عليه وسلم- بدنو أجله، ولم يمض إلا قليل حتى داهمه المرض. فانتقل -صلى الله عليه وسلم- إلى دار عائشة، ولم يشغله مرضه عن المسلمين، فأخذ يمهد لهم الأمر، حتى يتهيئوا لوفاته، ولا ينزعجوا لفراقه. وفى هذه الساعات العصيبة، لم ينس أيضًا -صلى الله عليه وسلم أن يودع عقول المسلمين وأفئدتهم وصاياه الأخيرة. واشتد المرض عليه -صلى الله عليه وسلم- حتى أقعده، فأمر أبا بكر أن يصلى بالناس، وتخلص من آخر متاعه بالدنيا قبل يومه الأخير بليلة واحدة، وهو اليوم الذى لم يرتفع فيه أذان الظهر، إلا والمصطفى -صلى الله عليه وسلم- مُسَجَّىً فى فراشه قد أصابه الاحتضار. وتسرب النبأ الأليم، فجزع الصحابة، وحزنوا حزنًا أضاق عليهم أفق المدينة، وأظلم عليهم نورها، وهم ما بين مسلم بالخبر ومحتسب، ومنزعج للحدث غير مصدق، كان موقف أبى بكر وعمر -رضى الله عنهما-، والذى تجاوزاه لينشغلا، بما يعتقدانه مراد محمد -صلى الله عليه وسلم- فى اجتماع كلمة المسلمين وأمرهم، فكان اختيار أبى بكر لخلافة المسلمين، وهو العمل الذى سبق تجهيز النبى -صلى الله عليه وسلم- وتوديع جسده الشريف. وبموته -صلى الله عليه وسلم- انقطع الوحى والنبوة عن الأرض، لكن بقى سراجهما منيرًا للعالمين، حتى يرث الله الأرض ومن عليها.
بيت النبى -صلى الله عليه وسلم-
لا تلحظ عين السائر فى طرقات المدينة فارقـًا يميز بيت النبى صلى الله عليه وسلم- عن سواه من بيوت المسلمين، اللهم إلا كونه حجرات قد بنيت بجوار المسجد، أما عمارتها فكانت من حجر اللبن، وقد سقفت بالجريد والجذوع. دخل عمر بيته -صلى الله عليه وسلم- ذات مرة، فرفع رأسه بالبيت ثم قال: فوالله ما رأيت فيه شيئـًا يرد البصر إلا أهبة جلودًا ثلاث، ثم قال للنبى -صلى الله عليه وسلم: ادع يا رسول الله أن يوسع على أمتك فقد وسع على فارس والروم وهم لا يعبدون الله. فأجابه: أفى شك أنت يابن الخطاب؟!، أولئك قوم عجلت لهم طيباتهم فى الحياة الدنيا. وتروى عائشة: كنا لننظر إلى الهلال ثلاث أهلة فى شهرين، وما أوقدت فى بيوت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نار، إذ كانوا يعيشون على التمر والماء. وعلى بساطة هذا البيت وشظف العيش به، إلا أن حياة محمد -صلى الله عليه وسلم-فيه بين أزواجه -رضى الله عنهن- وأبنائه، قد أشاعت به جوَّا من السرور والهناء، وكان -صلى الله عليه وسلم- فى خدمة أهل بيته، وهو القائل: خدمتك زوجتك صدقة، كما كان أرحم الناس بالأطفال، ولعل خلقه فى بيته -صلى الله عليه وسلم- يرسم بجمال صفاته صورة طيبة بما كان عليه الحال فى هذا البيت.
زوجاته -صلى الله عليه وسلم-
تزوج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو فى الخامسة والعشرين من عمره. ولأغراض كثيرة أحل الله -عز وجل- له الزواج بأكثر من أربع نساء، فكان عدد من عقد عليهن ثلاث عشرة امرأة، منهن اثنتان توفيتا فى حياته -صلى الله عليه وسلم-، إحداهما خديجة، والأخرى أم المساكين زينب بنت خزيمة، وتسع مات عنهن، وهن: سودة بنت زمعة وعائشة بنت أبى بكر، وحفصة بنت عمر بن الخطاب، وأم سلمة هند بنت أبى أمية، وزينب بنت جحش، وجويرية بنت الحارث، وأم حبيبة رملة بنت أبى سفيان، وصفية بنت حيى بن أخطب، وميمونة بنت الحارث. وعقد -صلى الله عليه وسلم- على اثنتين ثم طلقهما دون أن يبنى بهما، وهما: أسماء بنت النعمان الكندية، تزوجها فوجد بها بياضًا فمتعها وردها إلى أهلها، وعمرة بنت يزيد الكلابية كانت حديثة عهد بكفر فاستعاذت منه- صلى الله عليه وسلم- فردها إلى أهلها. وتسرى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- باثنتين إحداهما مارية القبطية، والثانية هى ريحانة بنت يزيد النضرية أو القرظية، ويزيد البعض اثنتين أخريين، وإحداهما اسمها جميلة أصابها فى بعض السبى، وجارية وهبتها له زينب بنت جحش.
أبناؤه -صلى الله عليه وسلم-
أولهم القاسم. وبه كان يكنى -صلى الله عليه وسلم-، ثم زينب، ورقية، وأم كلثوم، وفاطمة، ثم ولد له عبدالله الملقب بالطيب والطاهر، وكل هؤلاء من السيدة خديجة -رضى الله عنها-، وقد ولد له ولد بعد ذلك من مارية القبطية وهو إبراهيم. وكل أبناء النبى -صلى الله عليه وسلم- ماتوا أثناء حياته ما عدا فاطمة التى تأخرت بعده ستة شهور، والأولاد منهم ماتوا وهم بعد صغار.
خلقه فى البيت
رغم تباين نسائه -صلى الله عليه وسلم- من حيث العمر والجمال، إلا أنه -صلى الله عليه وسلم- ما كان يصرفه شىء عن العدل بينهن، فلكل واحدة منهن ليلة، وإذا أراد السفر أقرع بينهن، وكان -صلى الله عليه وسلم- فى خدمة أهله ما دام فى البيت، يخصف نعله، ويخيط ثوبه، ويحلب شاته، ويعمل بيده، ويخدم نفسه. وعلى خلاف السائد فى زمنه، والمنتشر الآن، من إباء الرجل أن تراجعه زوجته، كانت نساء النبى -صلى الله عليه وسلم- يراجعنه. وقد تهجره إحداهن إذا غضبت اليوم إلى الليل، ومع ذلك كان -صلى الله عليه وسلم- يستشيرهن وينزل على رأيهن فى أمور سياسته كما صنع يوم الحديبية، وكان-صلى الله عليه وسلم- إذا خلا مع أهله ألين الناس، ضحاكًا بسامًا، وماضرب إحداهن قط، وكان يقول: خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلى. وقد يبلغ من حنانه أن يجلس عند بعيره، فيضع ركبته، حتى تضع زوجه صفية رجلها على ركبته لتركب، أما ما ظهر منهن من الغيرة الشائعة، فكان -صلى الله عليه وسلم- يتحمله، عاتبته أم رومان دفاعًا عن ابنتها فقالت: مالك ولعائشة؟، إنها حديثة السن، وأنت أحق من يتجاوز عنها فلم يدعها حتى أخذ بشدقها معاتبًا وهو يقول: ألست القائلة: كأنما ليس على وجه الأرض امرأة إلا خديجة؟. وقد سألنه -صلى الله عليه وسلم- أن يوسع عليهن فى النفقة، فخيرهن بين البقاء عنده على هذه الحال، وبين مفارقته، وجعل أمرهن بيدهن، فاخترن جميعًا الله ورسوله. وكان -صلى الله عليه وسلم- أرحم الناس بالأطفال، رآه عمر بن الخطاب حاملاً الحسن والحسين على عاتقه، فقال: نعم الفرس تحتكما، فقال النبى-صلى الله عليه وسلم-: ونعم الفارسان هما، وكان أحدهما أو كلاهما يعتلى ظهره إن سجد، فلا ينهرهما، وكان يصف عبدالله وعبيد الله وكثير بن العباس ثم يقول: من سبق فله كذا وكذا، فيستبقون إليه ويقعون على ظهره وصدره، فيقبلهم ويلتزمهم. وصلى وأمامة على عاتقه، وهى ابنة ابنته زينب، فكان إذا ركع وضعها، وإذا رفع وضعها، أما إذا جاءته ابنته فاطمة، فإنه يبادرها باللقيا، ويقبلها ثم يأخذ بيدها ويجىء بها حتى يجلسها فى مكانه، فى الوقت الذى كانت العرب تئد فيه البنات، ثم هو لا يترفع على عبيده وإمائه فى مأكل ولا ملبس، ويخدم من خدمه، ولم يقل لخادمه أف قط، ولا عاتبه على فعل شىء أو تركه. | |
|
أسيرة الحرمان
عدد الرسائل : 280 العمر : 41 الموقع : جده العمل/الترفيه : تطوير المنتدى الاوسمة : اعلام : مزاج : الوظيفة : تاريخ التسجيل : 03/05/2008
| موضوع: رد: سيرة الرسول-صلى الله عليه وسلم- الجزء التاسع عشر السبت نوفمبر 22, 2008 12:45 am | |
| | |
|
Eros Admin
عدد الرسائل : 338 الموقع : https://eros.mam9.com الاوسمة : مزاج : الوظيفة : تاريخ التسجيل : 09/09/2007
| موضوع: رد: سيرة الرسول-صلى الله عليه وسلم- الجزء التاسع عشر السبت نوفمبر 29, 2008 1:51 pm | |
| | |
|